كاليندا بقلم ولاء رفعت
أن هربت الكلمات من لسانه تنفس بعمق وأطلق زفرة حتي بدأ يتحدث
عامله إيه
رمقته بتعجب وكأن نبت له رأس آخر فأدركت إنه لم يجد كلمات يتفوه بها أجابت بسخرية
أسعد واحدة في العالم
أنتبه لسخريتها من سؤاله فتنهد بنفاذ صبر وقال
أنا عارف اللي بتمري بيه وإيه اللي بتفكري فيه خصوصا من ناحيتي بس أحب أقولك أنا حالي أصعب منك حطي نفسك في مكاني و أقلبي اللي حصل
انتهت كلماتها بصيحه فأمسك بيدها ليسكتها قائلا
وطي صوتك وأهدي
جذبت يدها ورمقته شزرا وقالت إليه بتحذير
إياك إيدك تلمس إيدي تاني
أومأ له وقال
مكنتش أقصد
طيب ياريت تنجز وتقولي كنت عايز تقابلني ليه
عشان أجاوبك علي رسالتك أنا عارف إن ماما أسلوبها حاد وبالتأكيد عكت الدنيا مع مامتك
قالت بنبرة هجوم مباغت
مامتك مش هتتكلم كده غير لما تكون واثقة إن دي رغبتك من أمتي وأنت
بتمشي بكلامها! من غير ماتبرر خلاص عرفت الإجابة بس ده اسمها عندي ندالة
قال باستنكار وتحذير
أنا مش ندل يا شمس و بقولها لك للمرة التانية حطي نفسك مكاني في كل خطوة أسمع فيها غمز ولمز ونظرات شفقة وتريئة من عيون الناس أنا كان بإمكاني أروح أمسك الحيوان اللي عامل فيكي كده وأخنقه بإيدي بس وبعدين قوليلي هانقدر نكمل في وسط الناس إزاي ومش هاقدر أستحمل نظراتهم ولو حد أتكلم مش هابطل خناق وضړب في ده وده ونقضيها محاضر مش هاقدر لو أتجوزنا وكل ما أجي ألمسك أفتك
ما تكمل قول
نهضت ورفعت رأسها بشموخ وقالت بنبرة مليئة بالقوة وكبرياء أنثي
أنا بقي اللي بقولها لك عارف يا أحمد حتي لو كنت هاتكمل معايا أنا مكنتش هاكمل معاك وكنت بعت أمي ليكم بالشبكة وكل حاجة جبتهالي عارف ليه لأن كنت منتظرة اللي ياخدلي حقي ويدافع عني مش بابا كنت منتظره اللي المفروض هابقي مراته وعرضه وشرفه هو اللي ياخد لي حقي مش
تركته في صدمة من كلماتها وذهبت إلي والدها وقالت
أذعن والدها لرغبتها بعدما رمق أحمد بأسف وخيبة ثم غادر برفقة ابنته
وبعد وصولهما إلي المنزل استقبلتهما والدتها بلهفة
عملتوا إيه
كاد يجيب عليها فقاطعه صوت ارتطام قوي فوجدوا ابنتهما وقعت أمام غرفتها مغشي عليها
الفصل الخامس
كده تمام وشويه بعد ما تخلص المحاليل هيبقي الضغط مظبوط ها يا شمس حاسة بإيه دلوقت
طب أنا رايح أكمل الكشوفات اللي عندي بسرعة وراجعلك تاني
خرج الطبيب من الغرفة الصغيرة سألته زينب بقلق وخوف علي ابنتها
بنتي مالها يا دكتور
أجاب بهدوء وطمأنينة
أطمني يا مدام بنتك كويسة الحمدلله كل الحكاية ضغطها نزل شوية وطبعا واضح إنها مبتاكلش فقلب معاها بهبوط والحمدلله بعد ما علقنا لها المحاليل فاقت لكن شكلها مش حابه تتكلم وده نتيجة ضغوط نفسية وعصبية فياريت بعد ما تقوم بالسلامة تودوها لدكتور نفسية
شهقت والدتها بضجر
بعد الشړ يا دكتور ليه هو أنا بنتي مچنونة
أبتسم رغما عنه من بساطة تلك المرأة فأوضح لها
أنا مقولتش توديها مستشفي أمراض نفسية أنا بقولكم خليها تزور دكتور نفسية بيقعد معاها كذا جلسه يرجعها لكم أحسن من الأول
تدخل محمد قائلا
أنا فاهم قصد حضرتك يا دكتور بس ما تأخذنيش الوضع والظروف اللي إحنا فيها مش هتنفع لزيارات لدكتور نفسي بس ممكن نغير لها الجو اللي عايشه فيه
أومأ له الطبيب مرحبا
ياريت يبقي أفضل بس أهم حاجة الراحة النفسية وتبعد عن أي حاجة تضيقها لأن التعب اللي عندها ده نفسي أكتر ماهو عضوي ولو محتاجين أي مساعدة أنا في الخدمة
تسلم يا دكتور ربنا يوفقك
فأجاب الآخر
العفو عن أذنكم
ولج كليهما إلي ابنتهما المنفصلة عن الواقع جلست زينب بجوارها
شمس أنتي كويسة يا ضنايا
أمسك محمد يدها وعانقها بين كفيه
شمس حياتي يلا بقي عايزك ترجعي البنت القوية وهخليكي تغيري جو البلد خالص وهاخدك عند رحاب بنت عمك مش كان نفسك تشوفيها
رمقته زوجته بامتعاض فهو يعلم ماهية تلك النظرة كيف تجد ابنتك راحتها في بيت عمها و زوجته التي تشبهها دائما بالحية في دهائها وخبثها لا تحب الخير لأحد بتا وخاصة زوجات أشقاء زوجها
بادلها بنظرة
حاسمة وقال
عموما أنا كلمت أخويا وقالي بيتي مفتوح في أي وقت وفرح جامد
تفوهت زينب دون أن تدرك فداحة سؤالها الأحمق
وياتري قولتله إيه سبب الزيارة والمفروض كلهم عارفين إنها كانت هاتتجوز بعد أسبوع
زفر بضيق من حماقتها المتسرعة فأجاب
قولتله محصلش نصيب عادي يا زينب دول بيبقو في يوم الفرح
وبتحصل مشكلة تافهة وكل واحد بيروح لحاله وبنتنا لسه صغيرة أنا بس اللي أستعجلت لما وافقت علي موضوع الخطوبة والجواز ياريتني كنت أستنيت لحد ما تخلص تعليمها زي ما أهل المدينة بيعملوا
الحمدلله جت علي قد كدة أنا أهم حاجة عندي بنتي تبقي كويسة وبكررها لك يا محمد أنا هاسيبك تنفذ اللي في راسك وتوديها عند أخوك بس والله لو بنتي حد جرحها بنظرة بس هناك لأسافر لهم أنا بنفسي ولا يهمني أنهم أخواتك ولا أهلك
عشان ساعتها أرمي عليكي اليمين
قالها بتحدي فاتسعت عينيها پصدمة لم يدع لها مجال الرد فغادر الغرفة حتي يستنشق الهواء ويكظم غضبه الذي لو أطلقه سيحدث ما لا يحمد عقباه
علي جمب ياسطا الله يخليك
قالتها سحر لسائق سيارة الأجرة الذي ترجل لمساعدتها هي و ابنتها إسراء في نزول الحقائب المحملة من كل جميع أنواع الفواكه والخضار واللحوم
وبعد أن أفرغ سيارته من الحقائب سألها
تؤمري بحاجة تانية يا خالتو أم أحمد
أجابت وهي تخرج أوراق من المال من حقيبة نقودها
ما يأمرش عليك ظالم يابني تسلم يا حبيبي أتفضل
وربنا أبدا يا خالتي ده أنتي في مقام أمي و أحمد أخويا عيب كده
يابني دي لقمة عيشك وأنا ما يرضنيش كفاية تعبناك و خليناك تلف معانا من الصبح عقبال ما أشترينا الحاجات
أبدا يا خالتي ولا تعب ولا حاجة
قالها مبتسما وعينيه لا تفارق إسراء الشاردة في الفراغ مقطبة حاجبيها
وبعد الشكر والسلام طرقت باب المنزل فتحت لها مجيدة الباب بترحاب وحبور
يا مرحب يامرحب بت يا مروة تعالي شيلي عن مرات خالك يابت
ركضت مروة تلك الفتاة فطور شهية و يعقبها مشروب الشاي الساخن ويتبعه الفاكهة والتسالي
تسلم إيدك يا مجيدة ياختي
قالتها سحر فأجابت الأخرى بسعادة بالغة
دي حاجة بسيطة يا أم أحمد ويجي إيه في اللي محملاه مكنش ليه لزوم إحنا أهل مش أغراب
ده عشان الغالية مروة تاكل وتتهني وبعدين ده كله من خير أخوكي
ربنا يخليه ويبارك لنا فيه
يارب بصي بقي إحنا أكلنا وشربنا الشاي وحلينا نيجي بقي للكلام المهم واللي جايلك مخصوص عشانه
نظرت مجيدة إلي إبنتها التي كاد يخرج من جانبيها جناحان من فرط السعادة لتوبخها والدتها أمام زوجة خالها وابنتها
فيه إيه يا مجيدة بتزعقي لها ليه خليها قاعدة تعالي أقعدي جاري يا مروة
نظرت الأخرى إلي والدتها تنتظر الأذن فرمقتها الأخرى بتوعد وقالت من بين أسنانها
قومي فزي اسمعي كلام مرات خالك
نهضت وذهب لتجلس بجوارها ربتت سحر علي فخذها وقالت
ده أنا هابقي أمها التانية إن شاء الله
ابتسمت مروة بخجل فقالت والدتها قبل أن تكمل سحر حديثها
قبل ما تقولي اللي أنتي عايزاه هو اللي سمعته عن خطيبة ابنك ده صح وعشان كده سابها
تلون وجه الأخرى بالحمرة من الغيظ
كانت خطيبته وأهي راحت لحالها ربنا يسهلها ويسترها علي ولايانا
ما هو عشان المحروس ابنك عامل زي القرع بيمد لبره
ما خلاص يا مجيدة أهو عرف غلطته وأدينا جينا لك نطلب إيد مروة لأحمد وياريت الأسبوع الجاي هيبقي شبكة وكتب كتاب والاتفاقات ما تحمليش همها ابني شقته زي ما شوفتيها والموبيليا كلها عمولة خشب زان أصلي ده غير النجف في كل الأوض والريسبشن وتكيفات وعلقنا الستاير وأشترينا المراتب و السجاد تيجي تنقيه العروسة بنفسها وعشان عارفه ظروفك خصوصا بعد ۏفاة أبو مروة الله يرحمه أنا كنت عاملة جمعية علي جمب كده هديها لأحمد يجيب المطبخ و الأجهزة الكهربائية و الفرش عليكي أنتي شنطة هدومها بس ها قولتي إيه
انبلجت السعادة والفرحة العارمة علي محياها فأجابت
هو فيه بعد قولك كلام يا مرات أخويا بنتي بنتك ومش هاتروح لحد غريب أنتي أمها وخالها أبوها و إبن أخويا شاب ماشاء الله عليه كان متربي علي أيدي
وبكده نقول مبروك ونقرأ الفاتحة
نقرأ الفاتحة من غير أخويا وابنه العريس
دي فاتحة محبة يا مجيدة لأن المرة الجاية هاتبقي فاتحة وشبكة وكتب كتاب
اللي تشوفيه عقبالك يا إسراء يا حبيبتي
كانت شاردة وكل ذهنها في صديقتها وحالها الذي يرثي له لكزتها والدتها في ذراعها
ما تردي علي عمتك يا بت
انتبهت إليهم فقالت
تسلمي ياعمتو وألف مبروك
انطلقت الزغاريد من فاه سحر و تبعتها شقيقة زوجها بعد قراءة سورة الفاتحة
توالت الأيام وكأنها سنين في مضيها وكان الحال لا يتغير مازالت في حالة سكون لا تتكلم لا تريد رؤية أحد بل تقوقعت
في عزلتها حتي جاء اليوم التي تعالت فيه الزغاريد من منزل عائلة كامل حماها سابقا فوصلت إلي أذنيها نهضت في لمح البصر بعد أن خفق قلبها ولا تعلم ما السبب وكيف لا يخفق و صاحب القلب الوحيد الذي أحبه يستعد الآن للذهاب إلي عروسه الجديدة يرتدي حلة سوداء وفي أبهي هندامه لكن عينيه مثل صحراء خاوية من الحياة جرداء من أي مصدر