شيماء
ولكن سؤال الجدة ليلة أمس بعد رؤيتها إياه أخيرا بصحة جيدة يدور داخل عقله حيث قالت ببسمة ماكرة _
حمدلله على السلامة ياآسر مشوفتش سديم من الصبح بسأل عليها مش موجودة
نظر إليها عاقدا حاجبيه و أجاب بدهشة وهو يبحث بعينيه عن أثرها خلف زجاج غرفتها _ لا مشوفتهاش بس مش موجودة إزاي يعني سألتي عمي عليها
عقد حاجبيه و استقام واقفا يقول باقتضاب _
لأ مش بتتجنب ولا حاجه كل الحكاية إنك عارفاني مش بتكلم غير في شغل معاها و هي أكيد زهقت
ابتسمت له بلطف ثم همست بحزن _ عندك حق أنا عارفاك
وقف فجأة حين خطړ على باله أنها أصبحت شديدة القرب لها إنها سديم غريبة الأطوار هل يمكن أن تتبادل معها الحديث بشأنه جدته ليست ساذجة و من الممكن أن تكشف ما يدور حولها بأي لحظة
أسرع يخرج من مكتبه و يتجه إلى غرفة مكتبها ثم فتح الباب فجأة لكنه وجد المكان فارغ و هذا ما أشعل النيران بشكل كبير داخله و قال پغضب _
و بالفعل سار بخطوات غاضبة وكأنه يأكل الأرض حيث تراقص الإنفعال الشديد على ملامحه إلى أن وقف أمام غرفة ابن العم متجاهلا المساعدة التي كادت تتحدث معه وفتح الباب فجأة ليتصاعد
أثبتي ياسديم بقاا
اخترقت رائحة عطره المميزة أنفها لكنها انتظرت إلى أن اقترب منهما و اختطفت بطرف عينها نظرة تجاهه وتأكدت أنه هو بدأت بسمتها تختفي تدريجيا و لكنها قالت بلطف _
هز الآخر رأسه بالسلب ورحب بابن عمه سريعا و لم يحرك ساكنا حتى عينيه لم تتحرك قيد أنملة عن نحرها _
أهلا ياآسر اقعد واقف ليه لحظات وابقا معاك
ثم أكمل _
لا لا استني دقيقة واحدة بس خلاص خرجته
وبالفعل ماهي إلا لحظات و اخرج القطعة الصغيرة العالقة بأذنها و وضعها داخل يدها مع ماتبقى من قرط أذنها المحطم و قال بعبث _
ابتسمت له و قالت وهي تلكزه بكوعها في كتفه بخفة _ خلاص بقاا أنا كنت فاكراك بتهزر
أمسك ذراعها و مال بجزعه العلوي ثم أمسك المحارم الورقية و وضعها داخل يدها يقول ببسمة لطيفة غافلا عن عيني ابن عمه التى أصبحت اشبه بجهاز التسجيل لما يحدث بينهما خاصة منها _
هزت رأسها بالإيجاب و تناولت من يده المحارم الورقية تتجه إلى مرحاض مكتبه و عينيه لازالت تتابعها و قد اشتعلت نظراته من تجاهلها إياه دون مبرر وبشكل ملحوظ للغاية ألا يكفي اللمسات والحديث المتبادل بينهما أفاق على صوت سليم يقول بتوضيح عفوي _
سديم حلقها اتكسر و كنا بنخرج جزء باقي منه لو كانت أميرة كان زمانها خاربة الدنيا كلها بس سديم عاقلة أوي بصراحة
نظر إليه بصمت للحظات ثم هز رأسه تجاوبا مع حديثه يردف باقتضاب _
عندك حق أنا هروح اشوف اللي ورايا كنت جاي افكرك بالمعاد بتاع بكرة عشان عمي عاصم عايز سديم تطلع
معايا السفرية دي
إلتفت كلا منهما على صوتها تقول بدهشة واستنكار لعدم معرفتها المسبقة بالأمر _
سفرية إيه مين قال إني هروح معاك في مكان
صمت آسر ينظر إليها بهدوء مريب بينما تحدث سليم حين شعر بالحرج من ردها الجاف للغاية مع ابن عمه _
سديم السفريات دي بتكون مفاجأة وجوا البلد متقلقيش يعني
ولم يحاول آسر إطالة فترة صمته حيث عقد حاجبيه وأردف _
وتقلق ليه أصلا هو أنا هاكل حته منها عندك أي كلام قوليه لعمي عاصم هو اللي عايزك تيجي مش أنا أنا عن نفسي مش بحب أسافر مع حد
تركهما وغادر و عقدت حاجبيها تسأل بدهشة عن سبب انزعاجه إلى تلك الدرجة _
ماله دا هو أنا جيت جنبه
تنهد سليم و قال بحزن _ آسر فعلا مش بيحب يسافر مع حد من العيلة في العربية و إنه وافق تروحي معاه دي معجزة هو أكيد متوتر بس كدا
تذكرت حاډث والدته الذي قصه عليها حين أخبرها عن سره الوحيد و شعرت بالحرج من طريقتها معه بالرغم أنه احترم تجنبها له ولم يحاول ازعاجها بالفترة الأخيرة هو بالفعل سيئ الظن لكنه لا يستحق كل هذه المبالغة و فظاظة التعامل أمام ابن عمه
زفرت أنفاسها بهدوء ثم أردفت وهي تغادر الغرفة _
خلاص أنا هتصرف .
تركها تغادر مكتبه ثم رفع هاتفه يحادث يوسف قائلا _
بقولك إيه معرفتش حاجة عن كريم دا اللي بيظهر ويختفي بطريقة غريبة من وقت حاډثة آسر
صمت لحظات ينصت إليه ثم قال رافعا حاجبه _
يعني هو قالك بيروح كتير المدرسة دي لأ خلاص أنا هشوف بنفسي
أغلق الهاتف و اتجه إلى مكتبة يغلق حاسوبه ويجمع متعلقاته ثم رحل
بينما وقفت سديم خارج غرفة مكتبه الخاص و تنفست بهدوء وهي تهمس لحالها بتوتر طفيف _
هي دقيقة واحدة بس هقول مقصدش وأخرج
طرقت الباب و ارتفع صوته يسمح لها بالدخول و قد فعلت ثم وقفت محلها تنظر إليه حيث كان يقف عند النافذة و يوليها ظهره العريض تحركت تجاهه و رمشت بتوتر حين استدار يراقب تقدمها منه صامتا لكنه لاحظ تحديقها به وكأنها تستكشفه من جديد حين سارت عينيها فوق جسده لقد اعتادت رؤية كتفه المصاپ و كأنه اكتسب وسامة فوق وسامته و طغت هيبته حين سقطت أشعة الشمس من خلال الزجاج وتراقصت فوق بشرته و ماظهر من صدره العريض أم أصابها الجنون من فرط جلوسها مع شقيقه يوسف و أصبحت تهتم بأشياء غريبة لكنه حقا قد نجح بلفت انتباهها هذه المرة صعدت بعينيها إلى وجهه المبتسم لها بهدوء و أردفت بخجل من تحديقها الجرئ به و خاصة حين يرثى لها حيث بدأ صدرها يعلو ويهبط كعادتها معه و كأن وجهها أصبح مثل كرة الڼار المتوجهة من فرط توترها خاصة أنها كانت تتعمد الهروب منه بفترتها الأخيرة حتى بعد أن أدركت أنه سرق عقد سليم بتلك الليلة لكنها حين حسمت أمرها شعرت أنها بدأت تحيد عن طريقها معه و أنه بدأ يعلم عنها أمور كثيرة وهذا أرعبها على شقيقتها لأنه من الممكن أن يتهور و يدمر ترتيبات تخليصها هي وعائلتها الصغيرة من براثن خالها وليتها لم تقترب منه اليوم أيضا بدأت أنفاسه الساخنة تلفح بشرتها و اتسعت عينيها حين وضع أنامله أسفل ذقنها و ترك يديها تستقر فوق صدره و تحاول بيأس إبعاده عنها ليزفر أنفاسه عاقدا حاجبيه يقول بعبث _
استفادتي إيه بقا من هروبك مني
ضيقت عينها و صاحت به غاضبة حين اكتشفت أنه كان يتلاعب بها و تصرف بتلك الكريقة داخل مكتب ابن عمه عن عمد _
أنت كنت قاصد اللي عملته دا عشان اجيلك لحد عندك
رفع حاجبه مرددا بدهشة و ظهرت بسمة ملتوية فوق شفتيه _
طيب ما أنا لما بحتاجك بجيلك و لما حسيتك متضايقة الفترة اللي فاتت مكنتش بقرب منك فين المشكلة
صمتت تحدق بعينيه فقط و عقلها يهمس لها أن تخبره تفاصيل تجنبها له و تصرخ به الآن أنه أصل الکاړثة والمشكلة و أن ابتعادها عنه لا تفسير له لديها سوى أنها تخشى تلك الهالة المحيطة به بل و تتوتر بتواجده برغم هذا الدفئ الغريب داخل أحضانه بل وتقاوم لذة هذا الشعور كيف تخبره أنها اعتادت عدم الاعتياد خاصة الأشخاص و هو يكاد يخرق القاعدة بل يدمرها حيث كانت صورته تتراقص داخل مخيلتها و أحلامها أيظنها بعدما طال صمتها وتحديقها به و قالت بجمود _
المشكلة إني مش بحب أكون معاك و بتضايق من تصرفاتك دي
عقد حاجبيه و سألها بترقب و كأنه يحاول التأكد من إھانتها المبطنة و إتهامه بتواجده معها دون رغبتها _
بس أنا مشوفتش دا مع سليم من شوية
ركدت نظراتها و اختفت لمعة عينيها حين أجابت بنبرة حادة قليلا _
سليم مش بيجبرني أكون معاه وبيحترم حدودي
تمام اتفضلي
أشار بيده إلى الباب و تجنب النظر إليها بل خفض يده و سار بخطوات ثابتة تجاه مكتبه وقد خرجت بخطوات سريعة من فرط حرجها و رغم صډمتها من طريقته الغريية و أسلوبه هذه المرة لكنها تمنت أن يخرج ما بجعبته و يخبرها عن سر صمته و صبره الغريب عليها منذ ما يقرب الشهر و النصف شهر و هو صامت يتركها تتعامل مع عائلته كأنها بالفعل أحد أفرادها لقد ظنت أنه سوف ېصرخ بوجهها أن سليم يفعل هذا لأنه يجهل حقيقتها وأنها مجرد محتالة مثلما يقول دائما عنها لكنه فاجئها و تركها وشأنها مثلما أرادت
دلفت إلى غرفة مكتبها و جلست فوق الأريكة التي تواجه زجاج غرفته و لازالت داخل حلقة شرودها من فعلته و دهشتها من اهتمامها الغريب برد فعله منذ متى و سديم تبالي هكذا أيقظها صوت الهاتف الذي ارتفع فجأة و عادت إلى طبيعتها حين نظرت إلى الرقم الذي شوه شاشة هاتفها و كأنه وصمه بالعاړ ثم تنهدت بهدوء تجيب ببرود _
خير ياسامح مش قولتلك متتصلش في أي وقت
صمت تستمع إلى صوته الغاضب يقول بحدة واضحة _
أنت سحبتي النهاردة الصبح تاني يااسديم
عقدت حاجبيها وقالت بسخرية _
قصدك على فلوسي آه سحبتها هو فيه مشكلة ولا إيه مش دا تعبي برضه و بقالك سنين بتقولي إحنا واحد
أجابها پغضب _
ولما إحنا واحد بقالك شهرين بتسحبي كل المبالغ الضخمة دي ليه ياسديم دي ثروة
استقامت واقفة تنظر إلى چرح أذنها الصغير بالمرآة والذي لطخته الډماء قليلا ثم سحبت محارمها الورقية من العلبة أمامها و مسحت تلك القطرات تلقي مابيدها داخل سلة المهملات و هي تردف بهدوء متعمدة إثارة غضبه _ مش شايفة أي مشكلة إني أخد حقي و تعبي يعني و بعدين مش قولتلك إني هاخد فلوسي الفترة الجاية ولا أنت نسيت الثروة تروح وتيجي ياسامح لكن أنا لو روحت مش هاجي
كانت نبرتها التحذيرية صريحة للغاية معه و أغلقت الهاتف ولم تنتظر رد فعله حيث لفت انتباهها حركته داخل الغرفة من خلال الزجاج و كأنه يجمع متعلقاته ويرحل
لا تعلم لماذا غادرت غرفتها مسرعة تتجه إليه و بالفعل وجدته عند المصعد و كاد يضغط عليه لكنها أمسكت يده و توقفت محلها تحدق به