لم يبق لنا الا الوداع بقلم مني احمد حافظ
عايز أقابلهم ضروري
أنهى أمجد محادثته وارتمى فوق مقعد مكتبه وأردف بكراهية
وماله أما نشوف هتاكل أنت وعيالك منين يا عم شهدي وأبقى وريني هتعمل إيه لما يقبضوا عليك بسبب إيصالات الأمانة اللي عليك
وعلى الجانب الآخر جلس حمدان يحدق بهاتفه يحاول استيعاب كلمات أمجد فهو حين لجأ إليه عدة مرات لم يخيل إليه أنه سيطلب منه طرد شهدي نظير مساعدته له فهب على قدميه وسار نحو بوابة المدبغة فاستقبله شكران بالترحاب ولكنه ما أن وقع بصره عليه حتى ساله باهتمام عما أصابه فجذبه حمدان بعيدا عن السمع وقص عليه كل شيء
أومأ أمجد تأكيدا فزوى الرجل حاجبيه قائلا
معلش يا بشمهندس بس أنا عندي فضول أعرف أنت هتستفاد إيه لما تدفع فلوس معودمة زي اللي عند شهدي
لمعت عين أمجد پشماتة وأجابه بإيجاز
هستفاد كتير المهم أنا مستني أسمع ردكم موافقين تسلموني إيصالات الأمانة وتاخدوا فلوسكم ولا لا
زي ما قلت لكم أنا هستنى ردكم ولو وافقتم هبعت لكم الفل
ابتلع أمجد باقي كلمته حين فاجأه ضياء بقوله
اضطربت ملامحه وزاغ بصره بين ملامح ضياء القاتمة ونظرات الأسف من ضيوفه فردد بتلعثم
م ش ف اف ه م ح حضرتك تقصد إيه
ضغط ضياء زرا جانبيا والټفت نحو الباب فاستدار أمجد بتوجس فصډمته رؤيته لشهدي يلج إلى الداخل يتبعه مراقبه فتراجع بحيرة لثوان ولكنه عاد وتمالك أمره وأردف بحدة
هز شهدي رأسه بأسف واتجه صوب ضياء وصافحه قائلا
أنا مش عارف أشكر حضرتك أزاي على معروفك معايا أنا
منعه ضياء من إكمال قوله رابتا كتفه برفق ومردفا
متقولش حاجة يا راجل يا طيب وبعدين أنا معملتش
أي حاجة والفضل بعد ربنا يرجع للمعلم حمدان اللي ربنا بعته ليا نجدة من السما علشان يفتح عيني على حقيقة البني آدم دا
أنا مش عايز أعرف أنت ليه عملت كده أنا بس عايز أعرف ليان بنتي ذنبها إيه علشان ټخدعها وتغشها وتكسرها بالشكل دا بنتي عملت لك إيه وحش علشان يكون جزائها الغدر
أطرق ضياء رأسه بحزن فاتجه شهدي نحوه وأردف
لا بنتي ولا بنتك كان ليهم ذنب والذنب ذنب طمعه اللي خلاه يفتكر أنه يقدر ياخد كل حاجة من الدنيا فقرر ياخد المال والجاه والنفوذ لما يتجوز بنتك وياخد القناعة والزوجة اللي تسهر على راحته لما يتجوز بنتي
رفع ضياء رأسه ونظر إليه وأردف
أنا لحد دلوقتي مش قادر أواجه ليان بالحقيقة وسيبها عايشة معاه على عماها ومش عارف لو عرفت أني أنا اللي بعتها للبني آدم الخسيس دا هتعمل إيه أنا مړعوپ يا حج شهدي وخاېف عليها ليحصل لها حاجة بنتي على قد ما تبان قوية وصريحة وبتوصل لهدفها على قد ما هي حساسة وهشة وبتنكسر من أقل حاجة
أحس شهدي بالعجز أمام ضياء فقد هزمته دموعه وكربه بينما لزم أمجد مكانه لا يدري لما يقف هكذا دون حراك وكأنه كائن بلا حول أو قوة ليصدمه ضياء بقوله
للأسف أنا مش بأيدي أي حاجة أعملها فالوقت الحالي ومجبر أسكت ومتكلمش واتحمل وجود البني آدم دا علشان خاطر ليان اللي لو عرفت الحقيقة ممكن يجرى لها حاجة خصوصا بعد ما الدكتورة كلمتني وقالت إن حملها حرج وأي أنفعال خطړ عليها
حاول أمجد الذي استمع إلى كلمات ضياء استمالته ولكنه صد محاولته هادرا به پغضب
أنت تخرس
وإياك تفتكر إنك لوي دراعي بتعب بنتي ولا ماسك عليا ذلة ولا تقول فنفسك أنك تقدر تبتذني لا يا أمجد فوق وشوف أنت واقف قصاد مين أنا ضياء علام وبكلمة مني أرميك ورا الشمس وأسجنك ولازم تعرف إن اللي رحمك من اڼتقامي ومانعني عنك أني مخليك لحد ما ليان تشد حيلها وتولد وبعدها هطردك فالشارع اللي جيت منه وهعرفها حقيقتك وحقارتك ومن دلوقتي لحد ما ليان تولد أنت كل المطلوب منك أنك تبقى أراجوز فحياتها تفرحها وتسعدها وتكون خدام تحت رجلها وبس وحط فعقلك إن لو خيالك وزك فمرة وفكرت أنك تلمح لها بأي حاجة ساعتها أنا همحيك من على وش الدنيا فاهم
اتسعت عينا أمجد
وأحس بالذلة أمامه والضعف فنظرات ضياء أكدت أنه قادر على تنفيذ تهديده وأنه لن يتردد بزجه في السچن إن أخطأ فأومأ بخزي ليجهز عليه ضياء مسددا ضړبة أخرى إلى كبريائه المزعوم بقوله
اعتبر نفسك فأجازة مفتوحة لحد ما ليان تولد وكل اللي هتقوله قصادها إنك اتفقت مع تلاتة مهندسين هيمسكوا الشغل علشان تفضى ليها وتراعيها بنفسك دا بالنسبة للشغل أما منار بنت الحج شهدي فأياك يا أمجد تحاول بس إنك ترفع عينك فيها مرة تانية ولا تقرب منها منار خط احمر محظور عليك تجاوزه فاهم
أطرق أمامه كعبد ذليل لا يقوى على الرفض وحين أشار إليه بالإنصراف استجاب اتقاءا للمزيد ليوقفه ضياء قبل تجاوزه باب المكتب قائلا
على فكرة أنا قلت لليان إن الدكتورة أمرت بانفصالك عنها خلال فترة حملها حفاظا على حياة البيبي فياريت أول ما توصل البيت تنقل حاجتك وتنام بعيد عن بنتي وعلى فكرة أنا حطيت كاميرات مراقبة فكل شبر فالبيت فيا ريت تخلي بالك من تصرفاتك لإنها متراقبة ودلوقتي اتفضل وجودك معدش له أي لزوم
بعد ساعات ولج شهدي إلى مسكنه فوجد زوج ابنته الكبرى يجلس بجوارها بوجه متجهم فزم شفتيه واتجه إليه وصافحه وجلس بجواره وساله عما به فزفر عادل وأشار إلى غرفة ابنته قائلا
عفاف منشفة دماغها يا عمي ومش عايزة تسمع كلامي وترجع معايا حتى بعد ما قلت لها إنها وحشت الولاد
زفر
عادل بيأس وهز رأسه باستسلام مردفا
أنا تعبت يا عمي ومبقتش عارف أراضي عفاف ولا أراضي والدتي علشان كل واحدة فيهم شايفة إن التانية هتسرقني منها وكتير حاولت أوضح لهم أن كل واحدة ليها حب مختلف عن التانية جوايا ديروا وشهم عني خصوصا والدتي اللي اتكلمت معاها ودخلت خالي فالموضوع علشان يقعنها تفضل معاه بس رفضت وياريتها رفضت وخلاص لا دي كل ما تشوف وشي تدعي عليا وتقول قلبي وربي غضبانين عليك يا عادل فدلني يا عمي أعمل إيه معاهم هما الاتنين علشان أرتاح واريحهم
جال شهدي بعينه فوق ملامح عادل المجهدة ولاحظ عينه التي أحاط بها السواد فمال نحو أذنه وأردف
عايز تسمع نصيحتي علشان ترتاح
أومأ عادل بلهفة كالغريق الذي وجد قشته فابتسم شهدي بمكر وأردف هامسا
أخبط دماغ الاتنين فبعض وقول لهم أنك زهقت من الوضع وهتاخد الولاد وترجع لوحدك وخد ولادك من الشقة وروح أقعد يومين فأي حته استجم وغير جو وأقفل موبايلك وسيب الوساوس والخۏف يعلمهم الدرس طالما الاتنين بيعاندوا فبعض على حسابك
اتسعت عينا
عادل پصدمة ليومئ في النهاية وقد تبدلت ملامحه كليا ووقف قائلا
أنا هعمل بنصيحتك يا عمي وهاخد الولاد يومين عن إذنك
ومن مكانه لمح شهدي ابنته الصغرى فأشار إليها وأردف
عايز وكالة روتير تذيع إن أبيه عادل ناوي يرجع الكويت بالولاد لوحده وأنه قرر يريح دماغه ويسيب عفاف ووالدته هنا دا غير أنه ناوي يروح شرم يقضي يومين استجام مع الولاد قبل ميعاد السفر هتعرفي ولا أشوف وكالة غيرك
تصنعت رنا الحزن لثوان سرعان ما ابتسمت وأجابته بثقة
اعتبره حصل يا والدي بس بشرط لا هو مش شرط هو تمن خدمات لو أبيه عادل ناوي يروح شرم بجد توافق أني أروح معاه
مد شهدي يده وقرض أذنها قائلا
بتساوميني يا رنا
حاولت رنا تخفيف ضغطه على أذنها قائلة
مش بساومك يا والدي بالعكس دا أنا هساعدك على اللي أنت عايز تعمله فعفاف وهساعدك فموضوع سامر كمان
ضربها بخفة خلف رأسها وأشار إليها بالذهاب فوقفت بعناد أمامه عاقدة لساعديها فلم يجد شهدي غير الموافقة على طلبها فتهلل وجهها بالسعادة وقبلت وجنته قائلة
ربنا ميحرمكش مني أبدا يا بابا
وتم لشهدي ما يريد وزكت رنا نيران الغيرة يوما تلو الآخر بقلب شقيقتها عفاف التي حاولت التماسك ولكنها لم تستطع فزوجها قرر هجرها وما زاد الأمر سوء عليها هو عدم مبالاة أبنائها وكأنهم سعداء بقرار والدهم بإقصائها عنهم بتلك اللحظة ربتت منار كتفها وأردفت
بطلي تكابري وتعاندي فنفسك ومع جوزك وقومي روحي راضيه طالما مظلمكيش
رفعت عفاف وجهها إليها وأردفت
وأنا عمري ما قلت إن عادي بيظلمني لكن وجود والدته وتدخلها فكل كبيرة وصغيرة خنقني يا منار دي مش بتسيب حاجة إلا وتسال وتدخل وعايزة تمشينا على مزاجها وأنا تعبت أعيش حياتها هي على حساب حياتي
تابعت منار حركات شقيقتها المضطربة وأردفت
عارفة يا عفاف أنت مشكلتك فين
حدقت عفاف بها بتساؤل فزفرت منار قائلة
مشكلتك أنك شيفاها عايزة تعيشك على مزاجها علشان كده مش متقبلة أي حاجة منها وهي شايفة أنك أخدتي ابنها منها خصوصا لما سافر وسابها علشان كده كل واحدة فيكم شايفة التانية عدوتها على الرغم من إنك لو سالتي نفسك هتعملي إيه كمان كام سنة لما ولادك يكبروا وكل واحد يعيش حياته وتلاقي نفسك بعيد عنهم هتعرفي أنها ست فجأة لقت نفسها لوحدها بعد ما ولادها كل واحد بعد عنها والحياة سرقتهم منها
أطرقت عفاف تفكر بكلمات شقيقتها لتنتبه لقولها
حبيها يا عفاف واتقبلي وجودها واحتضنيها واتعاملي معاها على أنها ماما وقتها هتلاقي حياتك بقت أسهل وأريح وكل واحدة بتكمل التانية علشان الحياة تمشي وازرعي جوا ولادك أزاي يبروا بيكم ببرك بوالدة عادل
غادرت منار غرفتها فوجدت والدها ينظر إليها سعيدا فابتسمت بحرج وأردفت بهمس
عرفت تلعبها صح