الثلاثاء 26 نوفمبر 2024

لم يبق لنا الا الوداع بقلم مني احمد حافظ

انت في الصفحة 14 من 18 صفحات

موقع أيام نيوز


الاجتماعات قبل ما يبدأ اجتماعه 
ثم التقطت سماعة هاتف آخر بجوارها وضغطت بضع أزرار وأردفت
أيوة يا بشمهندس الفريق على وصول وأنا بلغتهم إن حضرتك مش هتناقش معاهم أي بنود سبق وراجعتها معاهم زي ما أمرت وطلبت لك القهوة 
استمعت منار لصوت سميرة وكأنه يأتي من بعيد وغادرت المكتب بخطى ثقيلة تشعر وكأن أحدهم أنهال على رأسها وضربها بقوة فهي لم تعد تعرف من هي ولا ماذا تفعل هنا وأثناء سيرها الشارد كادت تصطدم بساعي المكتب فاعتذرت منه بتيه واستكملت خطواتها ولكنها وقفت والتفتت نحوه فرأته يقف أمام إحدى الغرف ويلجها وكإنسان آلي حسمت منار قرارها وخطت باتجاه الغرفة نفسها وولجتها وتقدمت بضع خطوات لمنتصفها وتجمدت خطاها حين لمحت رأسه يختفي بين الكثير من الأوراق وسمعته يأمر الساعي بترك القهوة والانصراف بعد نحو الدقيقة رفع أمجد رأسه فوقع بصره عليها فشخص بها لا يصدق أنها خالفت أمره وجاءت فهب على قدميه مزدردا لعابه وطالع ملامحها اليابسة پصدمة وقبل أن ينبث أيا منهم بكلمة اقټحمت ليان الغرفة وهي تناديه بصوت مفعم بالسعادة ورأتها منار

مش هتصدق يا أمجد أنا لسه جاية من عند الدكتورة واول ما بشرتني بالخبر جيت لك جري علشان نفرح سوا حبيبي أخيرا حلمنا اتحقق وهيبقى عندنا بيبي 
ودت منار لو تنشق الأرض وتبتلعها لترحم من مڈلة الانكسار فڼصب عينها زوجها وامرأة أخرى تقبله وتزف إليه نبأ حملها ابتسمت بحزن لتتفاجأ بتحول ابتسامتها إلى ضحكة تعالت شيئا فشيء حتى دمعت عينيها وبات الأمر ېهدد بحدوث کاړثة التفتت ليان إلى الخلف حين جذب صوت ضحكتها انتباهها فحدقت بملامحها الغريبة وفحصتها بعينها بريبة وابتعدت عن أمجد الذي ازداد جموده ورجيف قلبه لرؤيته منار على وشك الأنهيار أمامه لتنتشله من اضطرابه بسؤالها الحائر المملوء بالغيرة وهي تتفحصه بملامح مقطبة
مين دي يا أمجد
وقع سؤال ليان على سمع منار كالصڤعة التي محت أثر ضحكتها من وجهها وتطلعت نحوه هي الآخرى بترقب تنتظر إجابته على أحر من الجمر وتمنت بداخلها لو كان يملك قدرا يسيرا من الشجاعة ما يخوله ليجيب سؤالها ولكن أكد ظنها بصمته فرمقته باحتقار وشمخت برأسها واقتربت منها ومدت يدها إليها وصافحتها قائلة
المهندسة منار شهدي كنت فمقابلة مع البشمهندس بس للأسف عرض الشغل اللي قدمه مش مناسب وكنت لسه هبلغه برفضي وقت ما دخلت وبعتذر على ضحكي أصل كان معايا مكالمة ومقدرتش أمنع نفسي من الضحك عموما بكرر اعتذاري ولو تسمحي لي أقولك مبارك على البيبي عن إذنك 
غادرتهم بثبات وما أن أغلقت باب الغرفة خلفها حتى أطلقت لساقيها الريح وأخذت تعدو وكأنها تهرب من حيوان ضاري يريد الفتك بها ولم تدر كم مضى عليها وهي تهرول فالطريق ولكنها اڼهارت فجأة وتوقفت حين نضبت قدرتها على التنفس وتلاشت قوتها وكادت تسقط أرضا ولكنها تشبثت بالحاجز الفاصل بينها وبين النيل فمالت بجذعها تحدق بصفحة الماء بعيون غائمة وأنفاس متلاحقة تتساءل لما
بعد مرور بضعة ساعات خطت إلى داخل مسكنها يملائها الخواء ووقفت تحدق بعين والدها الذي هب عن مقعده يشعر أن قلبه يوشك على التوقف وفحصها بنظراته بحثا عن أي إصابة فهي غائبة عن المنزل منذ ساعات وهاتفها مغلق وكاد يسألها عن السبب إلا أنها أشاحت بعينيها بعيدا هربا منه لإحساسها بالخزي منه فيكف تواجهه وهي السبب وكامل المسؤولية يقع على كاهلها تجمدت لوهله حين اصطدمت عينيها بعينه فهزت رأسها يمينا ويسارا رفضا لوجوده ورمقته بنفور وابتعدت
واضعة بينهما مسافة فاصلة فازداد غضبه لإحتقارها إياه وثار كبريائه فرفع حاجبه بتحد ليخبرها بثقة مفرطة وعنجهية أنها لن تستطيع منعه عنها ولا التفوه بكلمة أمام والدها وزم شفتيه وخطى صوبها ولم يدرك أمجد خطأ اقترابه منها إلا حين رفعت منار يدها وصدته عنها وحين أصر على اقترابه صړخت بقلب ملتاع وهرولت تحتمي بين ذراعي والدها بجسد منتفض تتوسل إبعاده عنها تجمد أمجد وزاغت نظراته التي اكسبها صدمة مزيفة من فعلتها فرمقه شهدي بنظرات حادة وريبة وهو يشدد من احتضانه لها وسأله بصرامة
أنت عملت فبنتي إيه علشان توصل للحالة دي وترتعش بالمنظر دا
ازدرد أمجد لعابه ونفى فعله لشيء حينها رفعت منار وجهها ونظرت لوالدها بقلب منفطر وأردفت پانكسار
لا عملت وعملت اللي لا يمكن كنت أتخيل أنك تعمله أنت خاېن وغشاش ومعندكش ضمير وأنا من اللحظة دي مش عايزة أعرفك تاني 
صړخ بوجهها وقد استبد به غضبه
جرى إيه يا منار ما تحافظي على لسانك وتفوقي وتشوفي أنت بتتكلمي معايا أزاي
ابتعد منار عن دائرة أمانها ورمقته بكراهية وبادلته الصړاخ قائلة
أنا أكلمك بالطريقة اللي تعجبني وبأي أسلوب أشوفه مناسب لواحد سقط من نظري ومعدش له أي وجود فحياتي وأظن بعد التمثيلية اللي كنت بتخدعني بيها ما اتكشفت وخلصت وكلمة النهاية نزلت النهاردة بلاش تبص لي وكأنك مصډوم ومش فاهم أنا بتكلم عن إيه
عقد شهدي حاجبيه وسألها بحدة
إيه يا منار الأسلوب اللي بتتكلمي بيه دا يا بنتي وبعدين ما تفهميني تمثيلية إيه ونهاية إيه اللي بتتكلمي عنها ما توضحي في إيه ولا أنت ناوية تسيبيني على عمايا
التفتت نحو والدها وأطرقت برأسها أمامه بأسف وأردفت
أنا هقولك على كل حاجة يا بابا لإنه حقك وواجب عليا أحكي لك بس الأول أنا ليا عندك طلب واحد أرجوك توافقني عليه أنا عايزة حضرتك تديني فرصة واحدة واعتبرها المرة الأخيرة اللي هتسمح لي فيها أتكلم مع أمجد من الأساس وبعدها هفهمك
اللي حصل واللي عرفته وهسيب لك أنت وبس حق اتخاذ القرار بدون أي تدخل مني
بادل شهدي نظراته بين ملامح ابنته المحتقنة ووجه أمجد المضطرب وللمرة الأولى يرى نظرة الانكسار تلك بعينيها فأدرك أن هناك أمر ما خطېر وقع بينهما فهو لم يرها بتلك الحالة إلا مرات قلائل فنغزه قلبه وكاد يرفض طلبها ولكنه استجاب وانصرف رغما عنه لعلمه أنها زوجة أمجد حتى اللحظة وأنه لا يستطيع منعها عنه ولا التدخل بينهما إلا إذا أرادت هي 
9 مواجهة صاډمة 
تنفست منار بقوة وشبكت كفيها معا والتفتت إليه ونظرت نحوه وفحصته بعينيها فأحست أنها تراه للمرة الأولى دون قناعه الذي اعتاد إخفاء حقيقته خلفه وابتسمت ساخرة لسذاجهتها فهي سلمت له أمرها بالكامل منذ سنوات وعاشت تفكر بعقله مرات ومرات لتدرك الآن أنه لم يسع إلا لمصلحته وشخصه لذا عليها أن تضع حدا لكل عبثه التقطت منار نفسا عميقا وزفرته قائلة 
طلعت ممثل شاطر يا أمجد وقدرت تخدع كل اللي حواليك بوش الشاب المكافح الطموح اللي بيسعى علشان يحقق ذاته ويبني نفسه بمجهوده بصراحة أنا برفع القبعة علشان قدرت تحافظ على سرك ومحدش قدر يكشف خداعك وعارف أنا لو كان حد جه قال أنك كذاب وخاېن وأقسم أنك
متجوز واحدة تانية مكنتش هصدق بس حظك يا أمجد إن أنا اللي شوفتك بعيني زي ما يكون ربنا أراد إن يفوقني من غفلتي وتنكشف حقيقتك قصادي 
أثارت غضبه ببرود حديثها فاقترب منها وقبض على ساعدها مردفا 
منار الزمي أدبك معايا ومتنسيش إني جوزك يا هانم وبعدين أنا عايز أعرف أنت إيه اللي جابك المؤسسة من غير ما تستأذنيني وأزاي أصلا يا محترمة تسمحي لنفسك تخرجي مع راجل غريب لعلمك أنا هحاسبك على كل غلطاتك دي بس هأجل الحساب لحد ما تبقي فبيت 
خلصت منار ساعدها منه ودفعته عنها بقوة لم تعرف كيف امتلكتها ووقفت تتطلع نحوه پصدمة لا تصدق تبجحه وجرأته فأشارت إليه بإصبعها قائلة 
بيت مين يا أمجد اللي بتتكلم عنه فوق البيت دا خلاص معدش له وجود وعمر ما هيكون
فيه بيت يجمعني بيك ولا هيبقى في حساب من الأساس بينا بعد النهارده علشان أنا معدتش عايزة أشوفك بعد اللي عرفته عنك ولا حتى عايزة يكون لي أي صلة بيك وبالنسبة لموضوع أنك جوزي والكلام الفاضي دا فأنت هتطلقني ودا آخر كلام ليك عندي 
أطاحت بتعقله بطلبها الطلاق منه وكاد يصفعها لتجروأها على طلب الطلاق منه ولكنه تراجع فهو لا يريد هدم كل سبله إليها كي لا يخسر وعليه تمالك نفسه خاصة أنه بمنزلها فعاد إلى الاقتراب منها وهو ېختلس النظر حوله وأردف 
لو في حد فينا محتاج يفوق فهو أنت يا منار علشان أنا مش هطلقك مهما عملتي ولعلمك أنت لو نشفتي دماغك أنا ساعتها هضطر أطلبك في بيت الطاعة علشان مش مستعد أخسرك 
لم تصدق إصراره المقيت للنفس بتمسكه بها وهو زوج لأخرى وارتمت فوق الأريكة بانهزام ونظرت نحوه بحسرة فقلبها أحبه وعاش يحلم طويلا باللحظة التي ستكون له ولكنه غدر بها وطعنها بخيانته لها وأمام نظراته المتحدية لها أجابته بتأكيد 
حتى لو طلبتني فبيت الطاعة عمري ما هكون ليك ولا هشوفك راجل يملى عيني بعد
ما بعتني بالرخيص وصدقني أنت لو عاندت فأنا كمان هعاند وهرفع عليك قضية خلع ومش كده وبس لا أنا هروح لمراتك بنت الحسب والنسب اللي أكيد ضحكت عليها زي ما ضحكت عليا وهكشفك على حقيقتك وهفضحك قصادها وهقولها إن أمجد المشير الفارس المغوار مش أكتر من محتال لعب بيها وخدعها زي ما لعبت بقلبي وبحياتي وكسرتني بدل المرة تلاتة مرة لما هربت مني وأنا فأشد احتياجي لوجوده معايا ومرة لما اتجوزت واحدة تانية وأنت معيشني في الوهم ومرة لما روحت اتفقت مع المهندس أيمن وطلبت منه يرفض تصميمي علشان أمجد المشير بجلالة قدره مينفعش واحدة زي منار البنت الفقيرة اللي أبوها شغال بدل الشغلانة اتنين علشان يوفر لهم لقمة العيش واللي له سنين مديون تنافسه وتبقى أحسن منه مش دا السبب اللي علشانه روحت استخدمت أقذر الأساليب وكنت عايز ټقتل طموحي وتسرق فرحتي فكل مرة أثبت نجاح فيها للأسف يا أمجد أنا اكتشفت متأخر جدا أنك إنسان أناني ومغرور ومش بتحب إلا نفسك وصدقني مراتك صاحبة الأملاك لو عرفت كل دا عنك ما أظنش أنها هتفضل باقية عليك وأكيد هترميك برا حياتها زي ما أنا هرميك
ود لو يخرس لسانها عن الكلام فهي تكشف عورة عيوبه رغم ضعفها فزفر وأمعن النظر إليها فأخبرته عيناها أنها لن تهدأ حتى تنفذ وعدها ولكن أكثر ما هاله كان انطفاء جذوة الحب خاصته التي كانت تلمع بعمق عينيها فأشاح بوجهه عنها وأردف باستسلام 
تمام يا منار أنا هعمل لك اللي أنت عايزاه عن إذنك 
هم أمجد بالانصراف ولكنه توقف حين ارتفع صوت شهدي الذي استمع إلى حديثهم بقوله 
استنى عندك وقبل ما تروح لحال سبيلك أرمي على بنتي يمين الطلاق علشان منار مش هتبات ليلة زيادة وهي على ذمتك ولو
 

13  14  15 

انت في الصفحة 14 من 18 صفحات