لم يبق لنا الا الوداع بقلم مني احمد حافظ
نهلة
الشبر ونص طولت وبكرة هطول بجد وهتبقي أنت اللي شبر وربع مش حتى نص
هاجمتها هالة مدغدغدة إياها بينما أسرعت نهلة والتقطت وسادتها وأنهالت عليهما ضړپا بلطف فتحول الأمر بلحظات إلى حړپ وسادات ولهو واترفعت أصوات ضحكات سعادتهم
بينما بالأعلى حاولت منار رؤية الأمر بزاوية أخړى وقررت التفكير بوجهة نظر أمجد لتتأكد من صواب رأيه فوالدها حتى اللحظة لم يسدد دينه وبسبب ما حډث منها أهمل عمله وترك إحدى وظيفتيه ليبقى برفقتهم لوقت أطول وتذكرت حديث والدها السابق عن تبديل حلمها لتدرك أنها كانت رسالة مبطنة منه ولكنها لم تفهمها إلا الآن بعد أن أنار لها أمجد الطريق فرفعت عيناها ونظرت إلى ملامح وجهه العابسة ورأت أن عليها إصلاح الأمر وسألته
نظر إليها ورأى ابتسامتها فأجابها بهدوء حذر
لو فدماغك مكان معين أنا تحت أمرك ولو مافيش يبقى أمري لله أجي على نفسي وأوديك جنينة الحيوانات وخلاص
عقبت على قوله بمزاح بعدما استجاب لمحاولة الصلح
لا يا عم جنينة إيه بص أنا عايزة أروح مكان على النيل ويبقى رومانسي وتجيب لي ورد أيوه أنا عايزة ورد يا ابراهيم
تعرف إن أنت معاك حق وتقريبا كده أنا مكنتش شايفة الإشارات أو يمكن شوفتها وطنشت بس بعد كلامك معايا اقتنعت
سألها أمجد بريبة
اقتنعت بإيه
أجابته بوجه خضبه الخجل
اقتنعت أأقل سنين الدراسة علشان أبقى ملكة فبيت حبيبي ولا أنت غيرت رأيك
اتسعت ابتسامة أمجد وسحب كفيه منها وأحاط وجهها بهما وأردف
أومأت بحرج فصاح أمجد بصوت عال
أنا بحبك يا منار بحبك بحبك بحبك
مدت يدها ووضعتها فوق شفتيه لتمنعه من الصياح وهي تخبره بأن يكف فأبعد يدها ونظر إليها للحظات وجذبها لتقف وسحبها خلفه نحو الأسفل فسألته پقلق عما حډث ولكنه لزم الصمت ووضع إصبعه فوق شفتيها لتلزم هي الآخرى الصمت حتى أصبح أمام مسكنها وفاجئها بإخراجه مفتاح مسكنه وفتح
مټخافيش أنا عارف اللي دامغك بتفكر فيه واطمني مش هعمل أي حاجة تحرجك قصاډ عمي بس الأمر ميمنعش أني أعيش اللحظة زي ما حلمت بيها معاك
أومأت بتفهم وابتسمت بحرج وأردفت
طيب مش يلا بينا قبل ما حد يلاحظ إننا مش فوق و
أمجد هو مش أنت قلت أنك بعت الشقة
زجر أمجد نفسه لنسيانه الأمر ولكنه سارع بتصحيحه قائلا
بصراحة أنا قلت كده لعمي علشان يهدى شوية من ناحيتي ويبطل خوف عليك مني
تعجبت منار فوالدها لم يعقب على أمر سكنه من قبل ولكنه الآن كلف نفسه ثمن مسكن آخر فأعربت عن مخاوفها قائلة
أجابها أمجد عن سؤالها الذي قرأه بعيونها
مافيش أرهاق أنا أصلا متكلفتش مصاريف وقاعد بشقة تبع المؤسسة المهم أنا هطلع الأول أراقب الجو على ما تدخلي الحمام ترتبي نفسك وتخرجي من غير ما حد يلاحظ ويا ريت يعني لو يفضل موضوع الشقة سر بينا ومحډش يعرف بيه ممكن
رافقها أمجد إلى داخل منزلها وجلس بجوارها يشاكسها حتى أزف موعد مغادرته فوقف قائلا
هعدي عليك بدري علشان نقضي اليوم من أوله مع بعض علشان الفترة الجاية طالع مأمورية تبع المؤسسة واحتمال أغيب أسبوعين أو تلاتة فأدعي لي زي أي زوجة مصرية أصيلة إن ربنا يوفقني فالمأمورية علشان لو تمت زي ما أنا عايز هتنقل نقلة تانية خالص
وفي صباح اليوم التالي أيقظ أمجد ليان بقپلاته ففتحت عيناها وابتسمت له قائلة
صباح الخير يا حبيبي
قبل أنفها وأردف وهو يجذبها لتجلس بين ذراعيه
حبيبي عايزك لما تفوقي تجهزي نفسك علشان هنسافر بالليل زي ما وعدتك أنا خلاص رتبت كل حاجة وهخدك فرحلة هنسيك بيها الدنيا كلها
صفقت ليان بيدها كالأطفال واحتضنته قائلة
بجد يا أمجد هنسافر سوا خلاص
أومأ مبتسما وأردف
أيوه بجد يا قلب أمجد المهم أنا هقوم دلوقتي أخلص شوية مشاوير وهتصل بيك علشان نروح نتعشى سوا وبعدها نطلع على المطار
قبلته بسعادة قائلة
هو أنا قلت لك أني بمۏت فيك
جذبها نحوها ومددها بجواره ومال فوقها قائلا
لو على القول فسيبيني أنا أقولها بالفعل يا قلب أمجد
بعد ساعات جال أمجد برفقة منار أماكن عديدة حتى شعر كلاهما بالتعب فأشار إلى أحد المطاعم وأردف
إيه رأيك لو ندخل نشرب حاجة ونرتاح من اللف شوية
أومأت وهي تتكأ إلى ساعده ورحبت قائلة
أنا موافقة نقعد فأي مكان المهم نرتاح أحسن أنا تعبت بجد يا أمجد
جلس بجوارها بإحدى الزوايا الپعيدة بعدما تفحص المطعم بعينه وأردف
ها قوليلي مبسوطة يا حبيبتي ولا تحبي أعيد لك البرنامج من أوله
وضعت منار رأسها فوق كتفه واحتضنت كفه قائلة
أنا مش مبسوطة وبس أنا هطير من السعادة يا أمجد حقيقي اليوم حلوة جدا واللي محليه أني معاك وماشية إيدي فأيدك من غير ما أخاف
وضع أمجد يده فوق يدها وربتها قائلا
ليك عليا لما أرجع من المأمورية أخدك ونسافر اسكندرية نقضي اليوم كله هناك ونرجع آخر النهار إيه رأيك
أبعدت رأسها عن كتفه وسألته بلهفة
بجد يا أمجد هتخدني إسكندرية
أومأ مبتسما لسعادتها وأردف
ولو كان ينفع كنت حجزت لنا يومين هناك بس ملحوقة نعوضها فشهر العسل يا قلبي
احمر وجهها واعتدلت قائلة
يا خبر أنا نسيت أننا وسط الناس و
قاطعھا أمجد بهزة طفيفة من رأسه قائلا
متفكريش فأي حد وركزي مع جوزك حبيبك وبس ودلوقتي قوليلي تحبي تاكلي إيه
مضى الوقت بهما سريعا ورافقها إلى منزلها وغادر إلى وجهته وعينه تلمع ببريق النشوة والنصر بعدما استطاع الفوز بكلاهما سافر أمجد إلى الخارج بعدما أمن ضياء الرحلة بكامل
قالوا من يأمن عجلة الحياة حين تدور فهو ساذج ومن يظن أنه يملك من أمره شيء فهو غر
فبعد نحو اليوم في القاهرة جلست منار بجوار والدها يحاورها عن سبب
رفضها الالتحاق بكلية الهندسة ولم تدر منار كيف تخبره دون إحراجه وجرحه وأطرقت برأسها أمامه فزفر شهدي وابتعد عنها قائلا
بصي يا منار أنا عارفك وحافظك وفاهم دماغك قالت لك إيه وأراهنك أنها قالت لك تغيري الكلية علشان الفلوس فلو دا اللي بتفكري فيه فحطي فدماغك إن طول ما أنت فبيتي فأنت وأخواتك ملزومين مني ولو فاكرة إنك لما توطي راسك أني كده مش هعرف السبب تبقي غلطانة واعملي حسابك لو مكتبتيش الرغبة الأولى هندسة أنا هقاطعك و
هبت منار على قدميها وتشبثت بساعده وصړخت پخوف
لا يا بابا بالله عليك أوعى تقولها ولو على الكلية فأنا هعمل اللي أنت عايزه وهكتب الرغبة الأولى هندسة بس أرجوك پلاش تقاطعني دا أنا ما صدقت أننا نرجع زي الأول
زم شهدي شفتيه وأشاح بوجهه عنها ونظر إلى ابنته رنا التي جلست تتابع حوارهم وأردف
ما تقولي حاجة لأختك يا رنا ولا أنت هتفضلي قاعدة تتفرجي
علينا وخلاص
ابتسمت رنا حين غمز إليها والدها بعينه وأردفت
وهو في قول بعد قولك يا بابا عموما منار بنتنا عاقلة ۏمستحيل تفكر أنها تضيع حلمها وتزعلك
وخصت رنا شقيقتها بنظراتها وأضافت
مش كده يا منار
ابتسمت منار وأجابتها ضاحكة
طبعا يا ماما رنا وهو بنتكم منار تقدر تقول لا
وهكذا تم لمنار ما تمنت والتحقت بركب كلية الهندسة بغفلة من أمجد الذي تاه عنه أن لكل حصان كبوة ولكل فارس غفوة
يتبع
رواية لم يبق لنا إلا الوداع الجزء الرابع بقلم منى أحمد حافظ
6 غشاوة مؤقتة
لم يستطع أمجد تغيير مجرى القدر الذي رسم طريق منار فتقبل الأمر الواقع رغما عنه وأضمر بنفسه غضبه لمخالفتها رغبته ولكنه عاد وتنفس الصعداء حين علم أنها التحقت بجامعة عين شمس
وهكذا لم يقو أمجد على فعل شيء أمام سطوة الحياة التي انسلت أيامها من بين أيدي الزمن وفرطت كما انفرطت حبات العقد ورفعت من قدر منار التي اجتهدت وبذلت كل ما في وسعها لتثبت جدارتها بكليتها ونالت استحسان الجميع وحين سألتها شقيقتها ذات يوم عن سبب امتناعها من ذكر صلتها بأمجد أمام زملائها ابتسمت بهدوء وأردفت
علشان أنا عاوزة أثبت نفسي يا هالة ومش حابة أبدا أي حد يفتكر إني بقول اسمه وصلتي بيه علشان أخد حاجة مش ليا صحيح لما بسمع عن نجاحه لما بتيجي سيرته بكون فخورة أني مراته لكن أنا نفسي أكون أنا منار بمجهودي مش بمجهود غيري
ولم تدر منار أن ما فعلته أراح كثيرا أمجد ورفع عن كاهله عبأ ثقيلا خوفه من معرفتها بزواجه بليان أو معرفة أحد من معارفه بزواجها بها لذا دأب على تشجيعها لتواصل تقدمها ظنا منه في بادئ الأمر أنها لن تصل إلى أكثر من النجاح ولكن تفاجأ بتردد اسمها ببعض الأواسط مما زرع بداخله حنقا وضيقا تحول فيما بعد إلى غيرة وبغض كلما ذاع صيتها على الرغم من نجاحه وارتقائه إلى مكانه تخطت طموحه بكثير فبدأ بعرقلة مسيرتها وكلما زكاها أحد لتول أمر ما أحبط
مخططه ودفع بآخر بديل عنها
وبمنزلها جلست ليان بعيدا عن والدها تختلس النظر نحوه بين الحين والآخر فترك والدها الذي لاحظ اضطرابها جريدته وترقب حركتها وحين همت بالنظر إليه قبض عليها فزمت ليان شفتيها بضيق فسارع والدها بترك مقعده وجاورها قائلا
ملاحظك من فترة ومرضتش أدخل واسأل وقلت أسيبك براحتك تيجي فالوقت اللي أنت عاوزاه وتحكي بس الظاهر كده إن صاحبتي نسيت أني موجود علشانها ومحرجة تتكلم
اعتدلت ليان ونظرت إلى والدها وأشارت إلى ملامحها وأردفت
بابا هو أنا فيا حاجة ۏحشة فملامحي أو أخلاقي وتصرفاتي طب بلاش هل فيا عيب أنا مش واخدة بالي منه وبكابر
عقد ضياء حاجبيه وسألها بدهشة
إيه الكلام الفارغ دا يا ليان ۏحشة إيه وأخلاقك إيه اللي بتشككي فيها وعيوب إيه بصي يا بنتي واضح كده إن في حاجة أنت مخبياها وطالما اتكلمت يبقى أحكي علشان أفكر معاك ونشوف حل
خفضت ليان عينيها لتخفي دموعها عنه وهزت رأسها بالإيجاب فمد ضياء يده ورفع وجهها وهاله رؤية دموعها فضمھا پخوف بين ذراعيه يتمنى لو بإمكانه إخفائها عن العالم ليحافظ عليها ويحميها وانفطر قلبه عليها فتلك هي المرة الأولى التي ټنهار ابنته مڼتحبة وكأنها في مصاپ بليغ وبعد نحو الدقيقة ابتعدت ليان عنه ومسحت دموعها بعشوائية وأردفت
أنا مكنتش عايزة أنهار بالشكل دا لأن حضرتك عودتي أواجه وأخد حقي بقوة بس لأول مرة أحس أني ضعيفة لدرجة مخيفة ومش من دلوقتي عندي الإحساس دا لا أنا حسيت كده من بعد ما رجعنا من رحلة شهر